5 Easy Facts About المرأة والفلسفة Described

Wiki Article



أعترف بانني حينما فكرت بالكتابة في موضوع الجنوسية؛ تحولات المفهوم وسياقات المعنى. لم أكن على دراية كافية بما أنا قادم عليه, ولكنني اكتشفت في أثناء الانهماك بالعمل إن الأمر اكبر واعقد واهم بكثير مما كنت أتصور, إذ وجدت العلاقة بين المرأة والفلسفة هي من بين أكثر الموضوعات مدعاة للدهشة والتأمل والاهتمام, إذ لم يشهد تاريخ الأفكار مثل لذلك النط العلائقي المثيرة بما شهده من تحولات ومفارقات وتناقضات, على سبيل المثال لا الحصر:

لكن المسألة لا تنتهي هنا، وهناك أيضًا، المزيد من التفسيرات.

ثم قد ألفينا في مثال ليلى أنها في مثالنا في كلتا الحالتين (الحيثيتين) واجهت تحيزا وضيما، ولكن إذا أمعنا النظر، وجدنا أن هذا الضيم كان ناجما عن انتماءها إلى طبقة معينة، وهي طبقة النساء. وهذه هي النواة -في رأينا المتواضع- لفهم التحيز الجنسي نوع من الاضطهاد والضيم.

والحقيقة أن الثقافة الغربية المعاصرة كرست عبر مئات السنوات النظرة إلى النساء عموماً ربطاً بجنسهن، ونسيان واقع أنهن في المقام الأول طبيبات أو مهندسات أو فيلسوفات لديهن تخصصات دقيقة واهتمامات مهنية وبحثية ليست بالضرورة مرتبطة بمسائل نسوية.

لربما نظن للوهلة الأولى أنه من السخف، والرَّفاه، أن نطرحَ سؤالا كهذا في يومنا الحاضر، إذ يمكننا أن ندّعي، بَدَاهة، أن الإجابة عنه ستكون: نعم، بالطبع يمكنها ذلك! ففي عالم يُنادي بحريّة الرأي، وحقّ الإنسان بالتعبير، لا يبدو أن حقّ المرأة بطرح الأسئلة، والتفاعل مع الأحداث العامة، ونقدها، شأن يُختلفُ عليه. لكن إذا ما أردنا فحصَ الصورةِ عن قُرب، بالاتجاه لأحد الحقول المعرفية التي تُعدّ أساس الفكر والسؤال، وباعث التأمل، أي لحقل الفلسفة، ولإنتاجات العديد من الفلاسفة حول المرأة، فقد نجد نتيجةً صادمة. انطلاقا من هذه الأرضية، دعونا نطرح التساؤل التالي: ما مكانة المرأة فعليّا في عالم الفكر والفلسفة؟ قبل الإجابة عن التساؤل، فإن المرأة حينما تُقرِّر الدخول لعالم الفلسفة، وقراءةِ إنتاجها القديم والحديث، منذ سقراط حتى يومنا، وتنسى تماما جنسها، أي حين تتعامل مع كتاب الفلسفة وكأنه يخاطبها كإنسان، كإنسان فقط، يُفكِّر في ماهية نفسه والعالم، ويشدّها ما تدعو إليه من إعادة النظر في كل ما حولها، فستُصدَم.

فالبنى لاتتسم بالاضطهاد إلا إذا تركبت في نظام أوسع، يؤثر بعضا على بعض أثرة فيظلم ويحيف. فالتحيز الجنسي يؤثر كلا من الرجل والمرأة على صاحبه، فيضر بكل منهما (بل بعض المقارنات تعطي أن الرجل أكثر تحملا للضرر فيها من المرأة)، ولكن النساء في أكثر الأحيان أكثر تضررا من الرجال. ثم لانستطيع في العرف المتبع الآن أن نسيء الظن بالفئات التي تتمتع بالأثرة على غيرها فننسب إلى أعضاءها أنهم نسجوا الأنظمة أثرية عن عمد، فإنها أحيانا توورثت هكذا كابرا عن كابر وأخرى تتكيف بهذا الوصف الأثري الاضطهادي من حيث لايشعر صناعها.

هذا وقد قيدنا الأمر الوصفي في النقطة الثانية وكتبنا بين القوسين ما يلاحظ منه أن الوصف من المنظور النسوي لايتكمل ما لم يضم إلى نفسه الظروف والأوضاع الاجتماعية التي تحدق بالمرأة والتي من شأنها حرمانها من الحقوق والاحترام. فنقول مثلا:

ثم ليست ساحة النسوية بريئة من الخلافات في موازيينها ومعاييرها وفي وصفها. لقد احتدم الخلاف بين أنصارها فيما يعد ظلما من العدل واضطهادا من الانتصاف، في تحديد قسمات “التساوي” و”الاضطهاد” و”الحرمان”وتعيين ما ينبغي التساوي فيه من الحقوق.

لقد أصبحت كل رواية فلسفية غربية –التحليلية والقارية وفلسفة شاهد المزيد الذرائع (البراجماتية) والتوجهات الملفقة منها وغيرها من التوجهات- تصوغ الفلسفة النسوية بمصاغها وتصبها في قالبها. وهذا يفضي إلى النظر إلى الأسئلة الفلسفية الدائمة بنظرة مختلفة، وتصويرها صورة مباينة، وإلى أن أنصار النزعة النسوية أدخلوا في المياديين الفلسفية التقليدية، من الأخلاق إلى المعرفة، مفاهيمًا ورؤىً جديدة، قلبت ماهية الفلسفة، وشكلتها بشكل جديد.

فعصارة الأمر أن الذهاب بشتى ألوان القمع والاضطهاد يمكن – بل يتعين – أن يكون معينا ومساعدا لأهداف النسوية، ولكنها ليست من صلب النسوية، فيمكن أن يكون من شروطها، ولكنه ليس من أركانها. فلنستمع – مثلا – إلى ما قررت “بيل هوكس” حينما قالت:

فهو في سبيل تحديد السلوك المناسب الذي يقمن بكل من الجنسين يرحب بتفرقة ممقوتة باعثة على التحيز ضد المرأة. فالقصد هنا أن الجانب التفسيري لابد أن يضم إلى نفسه الجانب التبريري الذي يمثله الإطار أوالنظام أو الوسط الذي تظهر فيه الظاهرة، والذي يحدد لكل من الجنسين دورا، ويحله مكانة، لايرضاها أنصار النسوية.

إن التيار العام من النسويين –مع كل ذلك – يرضى بمعيار عام لما ينبغي أن تحصل عليه المرأة من العدل، ويُعلِمُ من خلاله في الجانب الوصفي حالات، تشول كفتها على ذلك العيار. والذي يعلن براءته من النسوية قد يرضى بجزء منها، وإن لم يتقبلها جملة وتفصيلا.

الفلسفة ما بعد الحداثية تتحدى الأفكار التقليدية حول الهوية والجندر، وتركز على كيفية تشكيل المجتمع والثقافة لأدوار الجنسين.

لقد أمدت النسوية الفلسفة بمادة غزيرة من المنازع في مجالي الأخلاق (راجع مدخل الأخلاق النسوية) والسياسة (راجع مدخل الفلسفة السياسية النسوية)، وأساليب جديدة لإثارة السؤال والجواب عنه، ومناقشة الرؤى والطرق الفلسفية السائدة مناقشة ناقدة بناءة وأبرزت للفلسفة مواضيع جديدة، لم تدل حولها قبل، ثم هي لم تقتصر على رواية دون رواية، بل تعرضت لكل رواية فلسفية مهمة مثل التحليلية والذرائعية الأمريكية وفلسفة القارة الأوروبية. ومن شاء أن يلم بهذه الخطى النسوية الفلسفية، فليراجع في هذه الموسوعة ما صنف حول مناهج النسوية من المقالات، فإنها عنيت بتأثير الروايات الفلسفية المهمة في الأدب النسوي، وسعت بحثا عن آفاق جديدة لإيجاد الأواصر بين النسوية والروايات الفلسفية.

Report this wiki page